المغرب الدولة العربية الوحيدة التي قدمت الحماية لليهود تحدا ملكها محمد الخامس حكومة الاستعمار ورفض تسليمهم لالمانيا وقال لهم لا يوجد لدي مسلمون ويهود وانما شعبي مغاربة فقط ثم اوقف عمليات الهجرة من المغرب الى دولة اسرائيل .
ووعدهم بالحماية الكاملة لحياتهم ومصالحهم وضمن لهم حرية ممارسة العبادات .
لكن اليهود كانت خططهم واحلامهم اكثر بكثير من التعايش السلمي .
ارادوا اقامة دولة لهم في المغرب .
ولو لم يموت هيرزيل على حين غر فسيكون هناك احتمال اننا نحكي لكم الان قصة تأسيس دولة اسرائيل في المغرب .
وقبل ان نحكي لكم محاولات اليهود لاقامة دولة لهم في المغرب .
دعونا نستفيد بالحديث عن تاريخ اليهود هناك .
وعن قصة التناغم والتعايش السلمي والالفة بينهم وبين المسلمين .
يعود تاريخ اليهود في المغرب الى فترة ما قبل الميلاد .
في حين ارجعت بعض المصادر ان تواجدهم في المغرب لم يمر عليه سوى خمسمائة عام .
اما ابن خلدون فقال بان يهود المغرب هم خليط من الشعوب الكنعانية والفينيقية جاءوا من فلسطين .
وقيل ان بعضهم جاء من مملكة حمير اليمانية .
وقيل ايضا ان تاريخهم يعود الى فترة هروبهم من فلسطين بعد تدمير الرومان للقدس .
فقد اثبتت الحفريات الاثرية بالقرب من فاس وجود قبائل امازيغية ذات ديانة يهودية يعود تاريخها الى القرن الثاني قبل الميلاد .
وراح بعض المواريخين الى ابعد من ذلك واعتبروا اليهود بانهم من سكان المغرب الاصليين لم يأتوا من اي مكان وانما هم مغاربة اعتنقوا الديانة اليهودية .
بعد الفتح الاسلامي للمغرب سادت روح التسامح في البلاد وخاصة في فاس التي جذبت اليهود وساهموا ببناء مجتمع مزدهر وحيوي فيها بفضل قدراتهم التجارية .
فقد سهلت قوارن الشريعة الاسلامية نمو المجتمع اليهودي في المغرب .
اذ اعترف الاسلام بحق الجميع بحرية العبادة والحماية مقابل دفع الجزية .
ولهذا السبب هجر مئات الالاف من اليهودي الذين كانوا يعيشون في سلام في الاندلس تحت ظل الحكم الاسلامي .
ولجأوا الى المغرب بعد ان طردهم الاسبان .
ومع ماجيئهم بدأت تظهر الاحياء المسورة الخاصة بهم .
واطلقوا عليها اسم الملاح .
ظهرت هذه الاسوار لاول مرة في عام الفٍ واربعمائةٍ وثمانيةٍ وثلاثين في فاس .
كانت هذه الاحياء تتمتع باستقلاليةٍ شبهي تامة .
يتزعمها ويديرها الحخام .
ولم يشعر اليهود بالخطر سوى بعد قدوم الاستعمار الفرنسي وسيطرة حكومة فيشي الالمانية على مستعمرات فرنسا في الخارج .
ويلالان يتذكر اليهود المغاربة جيدا ما فعله الملك محمد الخامس مع ممثل الحكومة الالمانية التي طلبت تسليم يهود المغرب .
حيث رفض العاهل المغربي طلبهم وقال ان بلاده لا يوجد فيها مواطنون يهود او مسلمون ولكن كلهم مغاربة .
انذاك وصل عدد اليهود في المغرب الى نحو ربع مليون شخص .
وشكلوا اكبر جهلية يهودية في اي بلد عربي مسلم .
ولكن وفي غدون عقدين فقط انقلبت هذه الارقام رأسا على عقب بعد حرب عام الف وتسعمائة وثمانية واربعين واقامة دولة اسرائيل في فلسطين .
نجحت اسرائيل بجذب اليهودي المغاربة على الرغم من معارضة الملك لرحيلهم .
وما بين عامي الف وتسع مائة وتسعة واربعين والف وتسع مائة وسبعة وستين .
غادر مئتة الف يهودي مغربي المغرب .
وتبعهم خمسون الفا اخرين بين السبعينيات والثمانينيات .
ومن بين هؤلاء هاجر تسعون بالمئة الى اسرائيل .
بينما انتشر العشر بالمئة الاخرون بين فرنسا واسبانيا وكندا والولايات المتحدة وامريكا الناتينية .
حلم هيرتزيل الذي لم يكتمل وطن للاسرائيليين في المغرب بدلا من فلسطين لم يكن هذا الوطن بعيد المنال مثله مثل بقية الاقتراحات التي ناقشتها المؤتمرات الصهيونية والتي شملت دولا عدة حول العالم منها الارجنتين واوغندا وليبيا وغيرها الكثير .
والسبب في كثرة هذه الاقتراحات هو الانتهاكات التي كان يتعرض لها اليهود باستمرار في اوروبا وامريكا .
وصلت هذه المقترحات وغيرها الى طاولة النقاش في المؤتمرات الصهيونية .
لكن هناك مقترحات لم تصل لاسباب مختلفة .
ونذكر هنا مقترحة اقامة دولة لليهود في المغرب .
ففي عام الفين وعشرين كشفت صحيفة يدي عوت احرانوت عن وثيقة سرية لتوطين اليهود الروسي في المغرب .
وتنص الوثيقة التي يعود تاريخها الى عام الف وتسعمائة وثلاثة على نقل يهود روسيا الى المغرب نظرا لكثرة الاعتداءات التي طالت مجتمعاتهم هناك .
في ذلك العام ايضا عرض وزير المستعمرات البريطاني جوزيفت شامبرلين على هارتزيل خطة اوغندا والتي ادت الى حدوث شرخ كبير في المؤتمر الصهيوني وروفضت في نهاية الامر .
وبعد اسابيع قليلة من طرح خطة اوغندا فكر هيرزيل في اقتراح موقع اخر للدولة اليهودية وهي منطقة واد الحصان في جنوب غرب المغرب .
وهذا ما اظهرته الرسالة السرية التي ارسلها هيرتزيل الى صديقه المقرب والناشط البريطاني جزيف كافان .
لكن بسبب موت هيرتزيل المفاجئ في العام التالي نسيت الخطة وتم تجاهلها .
امارة بن مشعل اليهودية .
قبل عدة قرون من خطة هارتزيل التي لم تبصر النور في المغرب شهدت المملكة محاولة لاقامة دولة يهودية .
وجاءت هذه المرة على يد اليهودي هارون بن مشعل الذي استغل التوتر الاوضاع في المغرب الاقصى في عهد السعديين سنة الف وستمائة وعشره للميلاد .
وذلك بعد قضية العرائش ودخول صلاطين الدولة السعدية في نزاع دموي على السلطة .
تسببت تلك الاحداث بفوضا عارمة ادت الى تدهور الاقتصاد المغربي وانتشار المجاعة على اثر تعاقب فترات الجفاف .
ومع اشتداد الصراع بين ورثة السلطان المنصور السعدي على الحكم بدأت القبائل تخرج عن السيطرة .
واصبحت كل منطقة تخضع لسلطة سياسية محلية .
من بين هذه السلطات التي نشأت كانت دولة هارون بن مشعل في منطقة تازة .
وهو المولود في مدينة وجده وسط عائلة يهودية لها خبرة كبيرة في التجارة .
كان رجلا طماعا وجشعا وسيئ الطباعة .
استبد بكل من حوله واسس لنفسه قوة تحميه ليلا ونهارا .
بدأت قوة هارون تتنام مع انهيار الدولة السعودية .
ووجد اخيرا ان الفرصة لاعلان دولته قد حانت معتضاع في اعداد قواته .
يقول المؤرخ عبدالهاد التازي ان دولة اسرائيل كانت بالفعل على وشك ان تقتح متازة ثم التعم فاس لتنساب منها الى البلاد الاخرى .
لكن هناك شاب مغربي كان يدرس في جامعة القرويين في فاس سيغير مجرى الاحداف في المغرب للابد .
هذا الشاب هو الرشيد بن الشريف الذي سيصبح فيما بعد المؤسسة الفعلية للدولة العلوية وكان على علم بما يخطط له هارون .
لذلك قم بنصب الفخاخ له ونجح بقتله .
واستولى على ثروته وعتاده العسكري .
امورٌ لولاها لم تمكن الرشد من اعادة توحيد المغرب مجددا تحت راية الدولة العلوية .
وبذلك انتهت المحاولة الاكثر بشاع لاقامة دولةٍ لليهود في المغرب .
يعيش في المغرب الان ثلاثة الاف يهودي .
معظمهم في الدار البيضاء .
وهناك محاولاتٌ مستمرةٌ من المغرب .
لاعادة اليهود الى بلدهم الاصلي لكونهم جزءا لا يتجزع من تاريخ المغرب .